البداية :
بعد عودة الخديوي إسماعيل إلى مصر بعد زيارته للعاصمة الفرنسية أثناء مشاركة مصر في معرض باريس الدولي في عام 1867 م، وتأمله لأحوال عاصمة ملكه المتهالكة وأبنيتها المتداعية، فكر في استحداث تخطيط جديد للقاهرة أسماه »باريس الشرق«، وذلك عن طريق إنشاء أحياء جديدة تكون واجهة للقاهرة القديمة من الناحية الغربية يمكنه استقبال ضيوفه فيها. ولكي يطبق ذلك البرنامج المتشعب تم إجماله في مشروع تخطيطي سُمِّيَ ببرنامج "المشروعات السبعة" والذي يتكون من سبعة مشروعات يخص كل مشروع منطقة ومحاور. وكان أحد أهم هذه المشروعات هو مشروع تحويل مجرى النيل إلى الشرق من موقعه الأصلي وإقامة أحياء الجيزة والدقي السكنية وحدائق الأورمان وسراي الجيزة مكان المجرى القديم وربط الضفتين بعدد من الكباري. ومما يظهر مدى اهتمام الخديوي بتجميل وتطوير القاهرة، اهتمامه بزراعة الأشجار على جنبات الطرق في القاهرة والجيزة والجزيرة. وكان أغلبها من أشجار اللبخ والجميز، وهي من أجمل أشجار الظل والزينة التي تلائم بيئة مصر. وقد بلغ ولع الخديوي إسماعيل بتجميل القاهرة بأن أصدر مرسومًا في 1865م يحرض فيه الناس والأهالي والمزارعين ومستأجري الأراضي وأصحاب الدور والمحال على زراعة أشجار الجميز والأثل والصفصاف واللبخ في أراضيهم وأمام دورهم ومحالهم.
القفز إلى الجهة الغربية من النيل:

بعد نجاح مشروع تحويل مجرى النيل تم بناء عدة كباري؛ لتربط بين الضفة الشرقية والغربية للنهر وخاصة كوبري قصر النيل وكوبري الجلاء مما ساعد على سهولة الوصول إلى الجهة الغربية للنيل، فأقام الخديوي إسماعيل عدة قصور وحدائق في الجزر النيلية ومنطقة الجيزة التي بدأت تشهد نشاطًا عمرانيًّا ببناء سراي الجيزة وإنشاء حدائق الجيزة والأورمان. وكانت سراي الجيزة في الأصل قصرًا صغيرًا مِلكَ سعيد باشا. وبعد وفاته اشتراه الخديوي إسماعيل واشترى الأراضي التابعة له من طوسون باشا بن سعيد باشا، وهدم القصر وبنى السراي مكانه وقد تكلف بناؤها في حينه نحو ألف ألف وثلاثمائة وثلاثة وتسعين ألفًا وثلاثمائة وأربعة وسبعين جنيهًا (مليون و393 ألفًا و374 جنيهًا).
حدائق سراي الجيزة

كان الخديوي إسماعيل قد عهد إلى شركة فرنسية بين عامي 1863م إلى 1865م بردم الجزء المتخلف من تحويل مجرى النيل شرقًا؛ حيث أقام سراي الجيزة التي كانت حدائقها ممتدة إلى موقع كوبري عباس. وكانت حدائق وبساتين السراي مساحتها 186 فدانًا مجتمعة وقت إنشائها بعد أن تمت تغطية الأرض بطمي النيل بارتفاع مترين، وتم مد خط سكة حديد مخصوص؛ لإنشاء السراي وبساتينها. وقد وضع تصميم الحدائق "باريللي ديشان" الذي كان يُدعى "باريل بك" المهندس الأخصائي في المناظر الريفية. واحتوى تصميمها على ثلاثة أجزاء تمثل ثلاث حدائق متصلة بأبواب بينها ويضمها أرض محاطه بسور واحد مبني وهي:
1 - حديقة الأورمان:

أُنشئت عام 1875م؛ لتحل محل حديقة الفاكهة التي كانت قد أُنشئت عام 1873م وبلغت مساحتها 95,2 فدانًا. وقد كانت مقامة في الأساس؛ لإمداد القصور الملكية بشتلات الموالح؛ حيث احتوت على 100 ألف شتلة ليمون وبرتقال ويوسفي؛ فأُطلق عليها اسم "حديقة الليمون".
2- حديقة السلاملِك:

أُنشئت عام 1872م وكانت مساحتها تبلغ 54.7 فدانًا، واحتوت على 85 ألف نبات تمثل أكثر من 900 نوع، وكانت إلى الجنوب من حديقة الفاكهة، وقد حوكيت فيها المناظر الطبيعية من انخفاض وارتفاع واستواء وجبال عليها قناطر تمر فوق وديان، وأُنيرت الحديقة بفوانيس من بلور على أعمدة من حديد تُنار بالغاز، وكان بهذه الحديقة كل أنواع النباتات المزروعة بحديقتي الأزبكية والجزيرة.
3 - حديقة الحرملِك:

أُنشئت عام 1868م، وكانت مساحتها تبلغ 29,7 فدانًا، واحتوت على 50 ألف نبات تمثل أكثر من 1000 نوع، وهي إلى الجنوب من الحديقتين السابقتين. وقد أُنشئت بها الطرقات المرصوفة والمماشي بمختلف الألوان والأشكال من الحصى الملون كالفسيفساء المجلوب من جزيرة رودس. وكانت الحديقة تشتمل علي أروع النباتات المجلوبة من الهند وأمريكا الجنوبية وأواسط إفريقيا. أما ممرات المركبات فكانت مرصوفة بالحجر الرملي وعلى جانبيها حواف من المرمر الأبيض. هذا بخلاف الجبلايات والبِرَك الصناعية والكباري الخشبية والحديدية التي أُنشئت لعبور تلك البِرَك.
حديقة الحيوان بالجيزة
كانت المنطقه التي تقع فيها حديقتي الحيوان والأورمان حاليا، كانت جزءًا من حدائق سراي الجيزة وكانت تستخدم كحديقه نباتيه لتمد القصور الخديويه بالأشجار والنباتات وكانتكانت المنطقه التي تقع فيها حديقتي الحيوان والأورمان حاليا، كانت جزءًا من حدائق سراي الجيزة وكانت تستخدم كحديقه نباتيه لتمد القصور الخديويه بالأشجار والنباتات وكانت تحوي مجموعة من أندر النباتات من شتى بقاع الأرض. في العام 1890م تم فصل 50 فدانًا في عهد الخديوي توفيق من الجزء الجنوبي (حديقة الحرملك) لإقامة حديقة الحيوان. ومن الثابت لدينا أن الخديوي إسماعيل كان أول من فكر في إنشاء حديقة للحيوانات، وكان يأمل في افتتاحها بمناسبة الاحتفالات بافتتاح قناة السويس عام 1869م، ولكن لم يسعه الوقت لفعل ذلك؛ فاضطر لتجميع أعداد من الحيوانات و الطيور في قصر الجزيرة الذي أصبح الآن فندق ماريوت بالزمالك. وفي أول مارس عام 1891 افتتحت هذه الحديقة للجمهور، وسميت في ذلك الوقت بـ "جوهرة التاج لحدائق الحيوان في أفريقيا". وعندما تم التخطيط لشارع الجامعة عام 1934م تم مد شارع النهضة؛ ليربط شارع الجامعة بكوبري الجامعة. وقد فصل شارع النهضة بين جزء الأورمان وبين جزء السلاملك (38 فدان) الذي تم ضمه لحرم حديقة الحيوان لتصبح مساحتها حوالي 80 فدانًا. تعرض الحديقة الثدييات والطيور والزواحف بأنواعها المختلفة في أربعة عشر منطقة تمثل 360 جنسآ مختلفآ يصل عددها إلى أكثر من مائة نوع من الأصلات والثعابين ( السامة و نصف سامة و غير السامة ) والحيات والسلاحف والترس وأنواع السحالي والورل والضب والتماسيح المصرية والأمريكية، كذا الجربوع والقنافذ والعقارب والحرباء. الحديقة أيضاً تعمل كمعهد علمى حيث يعكف العلماء على دراسة سلوك الحيوانات والطيور. وحالياً تقوم خمسة منظمات غير حكومية بعمل حملات لتشجيع الناس على الحفاظ على الحياة البرية وتنمية الوعى البيئى فى مصر. لا تعتبر حديقة الحيوان بالجيزة فقط واحدة من أجمل حدائق الحيوان فى العالم وكذلك واحدة من أكثر حدائق الحيوان كثافة من حيث العدد وتنوع فصائل وأنواع الحيوانات الموجودة بها. ولكنها أيضا تعتبر معرضا كبيرا للعديد من الآثار التاريخية مثل الخمس جبلايات ذات الرونق الخلاب التي تزين الحديقة وعدد آخر من المعالم مثل:
1- جبلاية القلعه:

أو الجبلاية الملكية والتي تتكون من خمس مناطق مقسمة في شكل تلال؛ أكبر تلك المناطق هو التل الذي تم تشييده عام 1867م، وسمي آنذاك بجبلاية القلعة وهو مزين بمجموعة من التماثيل للديناصورات المنقرضة والتماسيح والطيور ذات الأشكال الغريبة. وتحتوى هذه الجبلاية على مماشى مغطاة بالنباتات ومجموعة من مساقط المياه ومساحة فى المنتصف تستخدم كمكان للراحة كما يوجد بها مجموعة من التماثيل لطيور وزواحف مصنوعة من الأسمنت والحصى. وتنساب المجارى المائية عبر مجموعة من الكهوف التى تحتوى على صخور مرجانية بيضاء معلقة داخل شلالات تؤدى إلى بحيرة صغيرة ذات جزيرتين متصلتين معاً بكوبرى خشبى. وقد بنيت الجبلايه بطريقة فريده تجعلها مكيفة الهواء بصورة طبيعيه ويتم فيها تكبير الصوت بدون الحاجه لمكبرات الصوت.
2- جبلاية الشمعدان:

بنيت جبلاية الشمعدان علي غرار جبلاية القلعة واستُخدم في بنائها نفس أنواع الصخور التي بنيت منها الجبلاية السابقة. وتتميز جبلاية الشمعدان بوجود رواسب جيريه على شكل الشمعدان تتدلي من سقف المغارات والكهوف؛ ولعل يكون هذا سبب تسميتها بهذا الاسم.
3- جبلاية جزيرة الشاي:

وتماثل الجبلايات السابقة وتتميز بوجود مجموعة كبيرة من المغارات والكهوف.
4- الكوبري المعلق:

ويسمي أيضا بالكوبري الهزاز. بني الكوبري المعلق بواسطة المهندس الفرنسي الشهير "ايفل"، حيث كان الغرض منه ربط قصر الخديوي بقصر الحريم في منطقة القصور الخديوية بالجيزة. يتكون الكوبري من أرضية خشبية ومحمل من كل جانب بأسلاك من الصلب والكوبري يهتز عند السير عليه. أمر الخديوي إسماعيل بإنشاء كوبري معلق في حديقة الحيوان بالجيزة ليربط بين قصر الخديوي وقصر الحريم في منطقة القصور الخديوية بالجيزة. عهد الخديوي إلى المهندس جوستاف إيفل ببناء ذلك الكوبري وقد قامت بتنفيذه شركته ايفل اي سيو Eiffel et Cie بين عامي (١٨٧٥م – ١٨٧٩م)؛ أي قبل إنشاء برج إيفل بأكثر من عشر سنوات وذلك عندما كانت الحديقة جزءًا من سراي الجيزة، وبالطبع قبل افتتاحها الرسمي عام ١٨٩١م فيما بعد. يعد الكوبري المعلق هو أول منصة عرض مرتفعة لحديقة حيوان في العالم. ويظهر عليه شعار الخديوي إسماعيل المكون من حرفي آي بي IP (التي تمثل الحروف الأولى من إسماعيل باشا باللغة الإنجليزية).
5- البوابات الاثريه:

توجد البوابات الأثرية أمام بيت الكلاب القديم وتمثل مدخل قصر الخديوي وقصر الوالدة باشا.
6- الكشك الياباني:

أنشئ الكشك الياباني في عهد الملك فؤاد عام 1924م بمناسبة زيارة ولي عهد اليابان لمصر. ويعد الكشك الياباني متحفًا صغيرًا داخل الحديقة، فهو يحوي بعض المقتنيات والصور الفوتوغرافية لحديقة الحيوان قديمًا وحديثًا.
7- متحف الحيوان:

وبالإضافة إلى الحيوانات العديدة الموجودة بالحديقة يوجد متحف تم بناؤه سنة 1906م. يتكون المتحف من ثلاث قاعات كبيرة ويعرض فيه مجموعات كبيرة من الطيور والزواحف والأسماك والحيوانات المحنطة علاوة على مجموعة من الهياكل العظمية. ويوجد أيضاً قاعتين يعرض بهما مجموعات مختلفة من جلود الزواحف والطيور وملحق بالمتحف معمل للتحنيط يقع خلف المتحف. ويحتوي المتحف على أكثر من خمسة ألاف عينة محنطة من أهمها تمساح محنط منذ أيام قدماء المصريين منذ أكثر من خمسة ألاف عام, وحوت ألقت به الأمواج تجاه مدينة الإسكندرية.
من أهم المنشآت القديمة بالحديقة:

- بيت الدببة الذي أنشئ بين عامي 1891-1896م.
- بيت الضباع الذي أنشئ عام 1896م.
- بيت الفيلة الذي أنشئ عام 1900م.
- أكشاك الطيور التي أنشئت عام 1901م.
- بيت السباع الرئيسي الذي أنشئ عام 1901م.
- (بيت الزواحف القديم الذي أنشئ عام 1902م (بيت حيوانات التجارب الحالي.
- حظائر التياتل الذي أنشئ بين عامي 1905 – 1911م.
- بركة فرس النهر التي أنشئت عام 1911م.
- المتحف الحيواني الذي أنشئ عام 1914م ثم افتتح عام 1920م.
Copyrights © 2019 All Rights Reserved by CULTNAT